الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
103469 مشاهدة print word pdf
line-top
معنى العجز

...............................................................................


فهكذا يقول: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز العجز يراد به الكسل والتثاقل في الأمور؛ يعني إظهار الخمول وإظهار التعاجز وإظهار الكسل؛ فإن هذا من أسباب الحرمان سواء كان ذلك العجز عجزًا حسيا أو عجزا معنويا. فالعجز الحسي هو أن يعطيه الله تعالى نشاطا وقوة ومناعة وجسما قويا، ولكن لا يكون معه همة في الاكتساب ولا في استعمال هذه القوة، فلا يتكسب ولا يحترف ولا يحرث ولا يغرس ولا يتجر ولا يتعاطى صنعة، بل وكذلك أيضا يحمله هذا العجز على أن يتعاجز حتى عن الطاعة، فلا يصوم ولا يصلي ولا يتهجد في الليل ولا يقرأ ولا يذكر، كل ذلك من باب الكسل ومن باب التثاقل، ثم هذا لا شك أنه من الحرمان المحروم هو الذي يحرمه الله تعالى من قوته. كذلك أيضا يدخل في العجز العجز المعنوي، وهو التعاجز عن إظهار الحق، وإظهار دين الله وعن الغيرة على حرمات الله، العجز عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، العجز عن الدعوة إلى الله، إذا أمر بأن يأمر وأن ينهى أظهر العجز، وقال: إنه ليس معي قدرة، وليس معي قوة وليس معي شجاعة على أن أتكلم، ولا على أن أفصح بكذا وكذا، لا شك أن هذا كله من الحرمان. فالحاصل أن هذا الحديث فيه الحث على القوة المعنوية؛ التي هي الغيرة على حدود الله تعالى وعلى حرماته.

line-bottom